Tuesday, July 12, 2016

يوماً_ما

وقفت امام المرآة الكبيرة في غرفتها تضبط ثوبها الكتاني الابيض، اشترته اليوم من السوق حين لفت نظرها النقوش علي صدره، تزينه نقوش تشبه تلك الموجودة علي جدار معبد الالهة ماعت..منذ طفولتها تقدس ماعت، تحب كل الاله الا ان ماعت فقط من يقبع تمثالها في غرفتها.
غادرت المنزل ومشت الي قلب المدينة ثم تجاوزتها الي الاطراف، توجهت للمعبد مستغرقة في افكار شتي، دخلت الي ساحة المعبد متجاوزة البوابات، لم تجد هناك احدا فاليوم ليس عيدا للاله ولا عيد التتويج، لذا فلا يوجد هناك غير الكهنة وبعض الذين اتوا يناجون الالهة مثلها.
تقدمت في الساحة مجتازة بوابة اخري الي الساحة الاصغر، وقفت في منتصفها للحظات قبل ان تدور حول نفسها، بدأت دورانها مستعرضة ثوبها الجديد، ثم اكملت دورانها لتستغرق في رقصة طويلة علي انغام معازف تدق داخل رأسها ، نست تماما الزمان والمكان ولم يبق الا تلك الموسيقي التي سمعتها يوم العيد في موكب الاله ، رقصت متمايلة بكل ما تعلمته وحفظته من حركات منذ طفولتها، تلك الرقصات التي طالما شاهدت راقصات المعبد ترقصها للالهة في المعابد يوم العيد، وتلك التي شاهدتها يوم تتويج الملك، كان ذلك في طفولتها الا انها لم تنس ذلك اليوم ابدا.
استغرقها الرقص لوقت طويل، احست عينا ماعت تنظر لها، تعرف ان ا لالهة تشاهد راقصات المعابد وهن يستغرقن في الصلاة برقصاتهن، هن اللاتي يتحدثن معها، ويحاولن ارضاءها برقصات تدربن عليها لساعات طويلة، اما هي فترقص كما تفعل دائما تتبع خطوات تبدأ مع دقات قلبها.
لا تعرف كم من الوقت مضي، الا انها حين توقفت عن الرقص كانت الشمس قد فارقت كبد السماء وتوجهت للبر الغربي، حيث يرقد الاقدمون سكان مملكة اوزير.
قبل ان تتوجه عائدة الي منزلها وجدته يناديها...كاهن ظهر من حيث لا تدري، لا تعرف كم من الوقت كان يراقبها، الا انه اخبرها جملة واحدة.. كبير الكهنة يريد التحدث اليك.
تبعته الي حيث كبير الكهنة متسائلة كيف لم تتوقف الموسيقي داخل رأسها رغم انها توقفت عن الرقص، ثم ادركت ان الموسيقي تنبعث من المعبد، من حيث تتوجه هي، من قلب المعبد.
هناك رأتها..ماعت تقف بشموخ داخل قدسها وتحت اقدامها العازفات، ثم رأتهن...راقصات المعبد يرقصن في خشوع غير شاعرات بما حولهن.. هناك رأته...كبير الكهنة، نظر لها بهدوء ثم ابتسم.. ماعت تريدك ضمن راقصات المعبد...قبلت صلاتك.
صمتت في مزيج من السعادة والصدمة وعدم التصديق، تعالي الي ماعت قال لها، اتركي كل شئ وتعالي لماعت.. واعلمي انك لو اتيت لها لا يجوز ان ترقصي خارج هذه الجدران.
صمتت للمرة الثانية، خرجت الي ساحة المعبد تفكر، لم تتمني شيئا منذ طفولتها قدر تمنيها أن تصبح من راقصات المعبد، الا انها اليوم حين تحقق حلمها مصحوبا بشرط الا ترقص خارج الجدران تجد انها تريد ان تفكر في الامر.. توجهت الي منزلها لتفكر وحدها في غرفتها.
استيقظت من نومها حين رن هاتفها المحمول، اغلقت الصوت وحاولت العودة الي النوم الا انها فشلت، غادرت فراشها نصف نائمة وهي تشعر بالضيق لايقاظها قبل موعدها، لا تعرف سبب تلك الاصوات في رأسها ..فهي تضع رأسها علي الوسادة لتستيقظ في اليوم التالي، لا تذكر ابدا تفاصيل احلامها، بل لا تذكر ابدا اذا كانت تحلم ام لا.
ادارت الموسبقي في غرفتها وبدأت ترقص بخطوات لا تذكر اين ومتي تعلمتها..ربما يوما ما في صغرها..ربما.

No comments:

Post a Comment