Friday, July 8, 2016

يوماً_ما


وضعت هاتفها جانبا، لم يرد عليها حين حاولت الاتصال به، تتوقع ذلك دائما كلما حاولت مكالمته وهي نادرا ما تفعل، كان الهاتف هو اقل طرق الاتصال بينهم، نادرا ما يتحادثون هاتفيا، نادرا ما يتحدثون عامة فلم تكن للكلمات حاجة لديها الا لتحمل اليها صوته، لا تعنيها الكلمات والمكالمات فقط تريد سماع صوته، ذلك الصوت القادر علي ان يحمل اليها فيضا من المشاعر والحكايات دون ان ينطق سوي اسمها.
اعادت النظر للهاتف قبل ان تغلق عينيها وتسرح بعيدا، هي تراه.. يداه تمتد الي الهاتف ناظرا له بحنين قبل ان يعاود ارتداء قناع الجدية مرة اخري، ابتسمت وهي تري بعيني عقلها ملامحه الجادة الهادئة، تحب النظر اليه، تخفي عيناها خجلا حين تراه ثم تغلبها مشاعرها لتتأمل ملامحه، تتسآل احيانا كثيرة كيف لملامح ان تبدو بهذا الهدوء، تري في عينيه جموح لم تستطع الاعوام ترويضه، تري رمالا تثيرها حوافر جوادا يرمح في الصحراء، تراه ينزل من علي جواده علي باب خيمتها، تغير موضع خيمتها في الصحراء كلما سئمت الاستقرار والانتظار، لاتخبره ابدا انها ستغير مكان خيمتها، ولا تصف ابدا موضعها الجديد، الا انه يجدها في كل مرة، يأتي دون مقدمات او اخطار بموعده، تجده علي باب خيمتها هادئا مبتسما، حاملا الحلوي وأخبار الحروب والعزوات، لا يحكي عنها ابدا.. تقرأها كاملة في عينيه.
فتحت عينيها واخرجت قطعة من الحلوي من حقيبتها مبتسمة، تبدو الامور ابسط كثيرا في وجوده، تبدو الحياة بسيطة حد الامتناع، توقفت عن التعامل معه بمنطق الاخرين منذ اعوام.. لهما منطق خاص، منطق لا يدركه غيرهما.. منطق فارس يجد غجريته مهما اجادت الاختفاء.
متعبان من قيود لا تناسب ايا منهما، من استقرار هش في مدن عجوز، يبدو اللقاء بعيدا او مجهولا، الا ان الوقت لا يعنيها الا بالقدر الذي يستغرقه لايجاد موضع خيمتها الجديد.
يوما ما سيغادران المدينة بقوانينها ولا يعودان ابدا، اما اليوم فتكفيها قطعة الحلوي القادمة من قلب المعارك والغزوات.
تناولت تليفونها للمرة الثانية وبعثت له رسالة.. الشوكولاته قربت تخلص.

No comments:

Post a Comment