Wednesday, March 1, 2017

يوماً_ما

استيقظت محدقة في فراغ الغرفة التي تسكنها منذ ايام قلائل، لا تعرف لماذا استيقظت في تلك الساعة قبل الفجر، شعور بعينين تحدقان فيها في الظلام فتحت عيناها بحثا عن تلك العينان فلم تراهما، الا انها تشعر بهما ينظران عبرها، داخلها، الي اغوار لم تصل هي اليها داخل نفسها المتاشبكة، فقدت الامل في معاودة النوم وهي تشعر انها مراقبة، ارتدت ملابسها مسرعة، متوترة تتخبط في احساسها المتنامي بالمراقبة، غادرت غرفتها الي الممر الطويل الفاصل بين حجرات الفندق، تخشي تلك الحجرات وتلك الممرات، تشعر في كل زيارة الي احد الفنادق بتلك الاحاسيس المضطربة، تشعر بكل من اقام في تلك الغرف قبلها، تكاد تشم رائحة كل من سبقها الي غرفتها، تشعر ببرودة الغرف تزحف داخلها.
غادرت الممر الي الطابق الارضي، القت التحية علي موظف الاستقبال شبه النائم، لحق بها مرتعبا متسائلا اذا كانت بخير.. اي خدمة يا هانم؟؟
شكرته مكملة طريقها الي الخارج، تعرف انه مذهول من خروجها في هذا الوقت، هي بلدة صغيرة محافظة علي اطراف الخريطة، يعرف اهلها بعضهم البعض، هو يظنها تخرج وحيدة، يبدو انه هو الاخر لم يشاهد تلك العينان تراقبانها، تشعرانها بالاقتحام ومزيج من القلق والاستئناس، لا تعرف كم من الوقت ظلت تمشي حتي وجدت نفسها علي ضفة النهر العجوز، جلست علي ضفافه وحدقت في صفحتة المظلمة، هالها الصمت المحيط بها، صمت ثقيل تكاد تشعر بثقله يضغط علي اكتافها، كسر نباح جرو بعيد حدة الصمت، اقترب منها متحمسا ثم توقف مرتعبا، ربما استطاع رؤية تلك العينان اللتان تقتحمانها، نادته فاقترب واستكان وصمت.
بحثت حولها مرة اخري علها تري تلك العينان، لا تراهما الا انها لم تعد تشعر بالضيق، بدأت تنصت لصوت النهر الحزين، حكايات وقصص بدأت همسا متداخلا بدأ يعلو تدريجيا، يصبح اكثر وضوحا وقوة، حكي الاف القصص سريعا.. ثم توقف عند روايته قصة قصيرة، رسالة حملها له احدهم وهو يناجيه منذ وقت قريب، امضي علي ضفته ساعات سارحا مناجيا، ذكر اسمها همسا.. لم يتسطع النهر العجوز ان يبقي صامتا وهو يشعر بها قريبة من ذات البقعة تحديدا، اراد ان ينقل لها ما سمعه من صديق المناجاه.. كانت قد وقفت طويلا علي تلك الضفة صباحا متسائلة عما اذا كان قد عبر بها هو من قبل، جائتها الاجابة سريعا، كان النهر ارق من ان يترك تساؤلها بلا جواب.
استمعت لحكايات اخري متداخلة، ذلك النهر العجوز يصبح احيانا بحاجة الي ان يحكي بعض من الاف القصص التي شاهدها منذ وهب الحياة لتلك الاراضي في الازمنة السحيقة.
انتبهت لاصوات اخري تتصاعد تشوش علي صوت حكاياته، نظرت حولها للنور الذي غمر الصمت، واصوات المارة يبدأون يومهم.
صمت النهر عن الحكايات، شكرته واتجهت عائدة الي حيث اتت يتبعها الجرو، تشعر بالعينان تحرسانها، سوف تدون تلك الحكايات يوما، لكنها قبل ذلك يجب لن تعود لتسمع المزيد من الرسائل.

 #يوماً_ما

No comments:

Post a Comment