Sunday, March 12, 2017

يوماً_ما

اسرعت الخطي وهي تهبط درجات السلم القديم، تكاد تقفز الدرجات غير عابئة بتلك الدرجات المكسورة فهي تحفظها عن ظهر قلب، تأخرت عن موعدها كثيرا، لاتحب التأخر عن تلك المواعيد التي تجمعها بنفسها، وصلت الي الشارع المشمس وبدأت تقطعه في خطوات سريعة، غريب هذا الشارع.. تنظر الي الارض فلا تجد ظلها، نظرت لاعلي كأنها تتأكد من وجود الشمس في كبد السماء، ثم عاودت النظر علي الارض لتبحث عن ظلها المختفي، لا تجده في اي من اركان الشارع، لا علي الارض ولا علي الجدران، اسرعت الخطي الي المقهي العتيق المنتظر لها ابدا، يبدو ان احدهم قد بناه منذ اعوام فقط لينتظرها، دفعت الباب وجلست علي طاولتها المعتادة بجانب النافذة، نظرت الي البحر عبر زجاج النافذة فبدي لها اقرب واوضح من كل المرات اللانهائية التي اتت فيها الي تلك الطاولة تحديدا، قربت وجهها من الزجاج فلم تر انعكاسها فيه، نظرت الي المرآة المثبتة في السقف لتري الطاولة الخاوية التي تجلس عليها، تذكرت انها لم تنظر في المرآة قبل النزول من المنزل، ثم عادت بالذاكرة الي ذلك اليوم البعيد.. ربما كان ذلك حين توقفت عن النظر في المرآة.
اتاها النادل بقهوتها وغادر دون ان ينظر اليها، لا تذكر انها طلبت القهوة.. من قال انها تريد قهوة؟؟ ربما تريد ان تتناول احدي العصائر!!
حركت يديها امام النافذة بحثا عن ظلها علي الحائط المقابل.. لم تجده هذه المرة ايضا، ذلك الشاب في الطاولة المقابلة يبتسم وهو ينظر باتجاهها، هل يضحك من بحثها عن ذلك الظل المختفي؟؟ تنبهت انه يبتسم لفتاة في الطاولة التي خلفها، ينظر الي الفتاة عبرها...يبدو انه لا يراها، يبدو ان ظلها لم يختفي وحده.
احتست قهوتها بهدوء.. سرحت في الفراغ وعادت بالذاكرة الي اسابيع مضت، كانت تنظره.. نعم هو تحديدا كان انتظاره طقس صار معتادا منذ اعوام، حين اخبرها بقدومه هرعت الي المرآة وارتدت ذلك الفستان الجديد تعرف انه سيحبه، تزينت واسرعت الي الشارع الواسع تسابق ظلها وتطارده كالاطفال.
اتي المساء ولم يأتي هو، اخرجت مرآة صغيرة من حقيبتها وفتحتها، نظرت لانعكاسها في المرآة وازالت احمر الشفاة، ثم غادرت وعادت الي غرفتها عبر الشارع الواسع، لم تلاحظ يومها في طريق العودة ظلها.
اخرجت المرآة من حقيبتها، فتحتها ونظرت بداخلها وجدت فتاة تزيل احمر شفاه، تعرف تلك الملامح، تشبه ملامح نظرت اليها كثيرا، ظلت تتأمل الفتاة التي انهمكت بالكامل في ازالة احمر الشفاة دون ان تمل، اغلقت المرآة تاركة الفتاة تكمل بهمة.
نظرت لمرآة السقف مرة اخيرة بحثا عن انعكاسها دون جدوي، تركت ثمن القهوة علي الطاولة، وغادرت الي الشارع، نظرت الي ارض الشارع مرة اخري فلم تجد ظلها.. ربما تبحث عنه في يوم اخر، اما اليوم فلا وقت لذلك فهي علي موعد مع نفسها.

No comments:

Post a Comment