Saturday, February 11, 2017

يوماً_ما

امسكت بالفنجال المقلوب تديره بين اصابعها، نظرت بعيدا الي البحر الممتد خارج نافذة المقهي الصغير الذي اعتادت الجلوس فيه بصورة شبه يوميه، عادت للفنجال تديره وتسرح داخله، تقرأ رموزه التي تناثرت ذات اليمين وذات الشمال، اخبرتها احدي صديقاتها منذ اعوام ان قراءة الفنجان تجلب سوء الطالع، واخبرها آخرون انه ذنب يستوجب الاستغفار او العقاب الأبدي، لم تفهم يوما منطق تحريم الملذات الصغيرة، انها تبحث داخله عن لوحة ترسمها لا عن غيب خبأته الاقدار.
نفخت دخان سيجارتها داخل الفنجال، للحظات شعرت ان تلك الاشكال تتذمر من رائحة الدخان، رأت احدهم يحرك يديه ليبعد ذلك الدخان عن وجهه.
ابتسمت واكملت جولتها وسط الرموز، هناك رأته يجلس مهموما ينفث دخان سيجارته هو الاخر غير عابيء بباقي سكان الفنجال، كعادته يجلس هادءا يحتسي قهوته الفرنسية، شاردا فيما يحمل من اعوام طويلة داخل قلبه.
تناست ذلك الزحام الموجود حوله، كل هؤلاء الذين يلوحون لها من حوله لتنظر اليهم، لا يستطيعون ان يجعلوها تشيح بنظرها عنه، تمنت ان يكبر ذلك الفنجال لتري تفاصيل وجهه بشكل اوضح، ملامحة التي تحفظها عن ظهر قلب.
ابتسم وهو ينظر بعيدا، ابتسامة باهته حزينة، احس بعينيها تنظران اليه من خارج اسوار الفنجال العالية، ادار وجهه ونظر اليها نظرة طويلة ثم ابتسم ابتسامة دافئة وهو ينظر الي عينيها.
"خلصتي القهوة يا فندم؟" سألها النادل وهو ينظر اليها، ابتسمت وناولته الفنجال.
يوما ما لن تحتاج الي جدران الفنجال لتري ابتسامته.. ربما ليس اليوم لكنه بالتأكيد يوما ليس بعيد.