Tuesday, July 12, 2016

يوماً_ما

وقفت امام المرآة الكبيرة في غرفتها تضبط ثوبها الكتاني الابيض، اشترته اليوم من السوق حين لفت نظرها النقوش علي صدره، تزينه نقوش تشبه تلك الموجودة علي جدار معبد الالهة ماعت..منذ طفولتها تقدس ماعت، تحب كل الاله الا ان ماعت فقط من يقبع تمثالها في غرفتها.
غادرت المنزل ومشت الي قلب المدينة ثم تجاوزتها الي الاطراف، توجهت للمعبد مستغرقة في افكار شتي، دخلت الي ساحة المعبد متجاوزة البوابات، لم تجد هناك احدا فاليوم ليس عيدا للاله ولا عيد التتويج، لذا فلا يوجد هناك غير الكهنة وبعض الذين اتوا يناجون الالهة مثلها.
تقدمت في الساحة مجتازة بوابة اخري الي الساحة الاصغر، وقفت في منتصفها للحظات قبل ان تدور حول نفسها، بدأت دورانها مستعرضة ثوبها الجديد، ثم اكملت دورانها لتستغرق في رقصة طويلة علي انغام معازف تدق داخل رأسها ، نست تماما الزمان والمكان ولم يبق الا تلك الموسيقي التي سمعتها يوم العيد في موكب الاله ، رقصت متمايلة بكل ما تعلمته وحفظته من حركات منذ طفولتها، تلك الرقصات التي طالما شاهدت راقصات المعبد ترقصها للالهة في المعابد يوم العيد، وتلك التي شاهدتها يوم تتويج الملك، كان ذلك في طفولتها الا انها لم تنس ذلك اليوم ابدا.
استغرقها الرقص لوقت طويل، احست عينا ماعت تنظر لها، تعرف ان ا لالهة تشاهد راقصات المعابد وهن يستغرقن في الصلاة برقصاتهن، هن اللاتي يتحدثن معها، ويحاولن ارضاءها برقصات تدربن عليها لساعات طويلة، اما هي فترقص كما تفعل دائما تتبع خطوات تبدأ مع دقات قلبها.
لا تعرف كم من الوقت مضي، الا انها حين توقفت عن الرقص كانت الشمس قد فارقت كبد السماء وتوجهت للبر الغربي، حيث يرقد الاقدمون سكان مملكة اوزير.
قبل ان تتوجه عائدة الي منزلها وجدته يناديها...كاهن ظهر من حيث لا تدري، لا تعرف كم من الوقت كان يراقبها، الا انه اخبرها جملة واحدة.. كبير الكهنة يريد التحدث اليك.
تبعته الي حيث كبير الكهنة متسائلة كيف لم تتوقف الموسيقي داخل رأسها رغم انها توقفت عن الرقص، ثم ادركت ان الموسيقي تنبعث من المعبد، من حيث تتوجه هي، من قلب المعبد.
هناك رأتها..ماعت تقف بشموخ داخل قدسها وتحت اقدامها العازفات، ثم رأتهن...راقصات المعبد يرقصن في خشوع غير شاعرات بما حولهن.. هناك رأته...كبير الكهنة، نظر لها بهدوء ثم ابتسم.. ماعت تريدك ضمن راقصات المعبد...قبلت صلاتك.
صمتت في مزيج من السعادة والصدمة وعدم التصديق، تعالي الي ماعت قال لها، اتركي كل شئ وتعالي لماعت.. واعلمي انك لو اتيت لها لا يجوز ان ترقصي خارج هذه الجدران.
صمتت للمرة الثانية، خرجت الي ساحة المعبد تفكر، لم تتمني شيئا منذ طفولتها قدر تمنيها أن تصبح من راقصات المعبد، الا انها اليوم حين تحقق حلمها مصحوبا بشرط الا ترقص خارج الجدران تجد انها تريد ان تفكر في الامر.. توجهت الي منزلها لتفكر وحدها في غرفتها.
استيقظت من نومها حين رن هاتفها المحمول، اغلقت الصوت وحاولت العودة الي النوم الا انها فشلت، غادرت فراشها نصف نائمة وهي تشعر بالضيق لايقاظها قبل موعدها، لا تعرف سبب تلك الاصوات في رأسها ..فهي تضع رأسها علي الوسادة لتستيقظ في اليوم التالي، لا تذكر ابدا تفاصيل احلامها، بل لا تذكر ابدا اذا كانت تحلم ام لا.
ادارت الموسبقي في غرفتها وبدأت ترقص بخطوات لا تذكر اين ومتي تعلمتها..ربما يوما ما في صغرها..ربما.

Friday, July 8, 2016

يوماً_ما


وضعت هاتفها جانبا، لم يرد عليها حين حاولت الاتصال به، تتوقع ذلك دائما كلما حاولت مكالمته وهي نادرا ما تفعل، كان الهاتف هو اقل طرق الاتصال بينهم، نادرا ما يتحادثون هاتفيا، نادرا ما يتحدثون عامة فلم تكن للكلمات حاجة لديها الا لتحمل اليها صوته، لا تعنيها الكلمات والمكالمات فقط تريد سماع صوته، ذلك الصوت القادر علي ان يحمل اليها فيضا من المشاعر والحكايات دون ان ينطق سوي اسمها.
اعادت النظر للهاتف قبل ان تغلق عينيها وتسرح بعيدا، هي تراه.. يداه تمتد الي الهاتف ناظرا له بحنين قبل ان يعاود ارتداء قناع الجدية مرة اخري، ابتسمت وهي تري بعيني عقلها ملامحه الجادة الهادئة، تحب النظر اليه، تخفي عيناها خجلا حين تراه ثم تغلبها مشاعرها لتتأمل ملامحه، تتسآل احيانا كثيرة كيف لملامح ان تبدو بهذا الهدوء، تري في عينيه جموح لم تستطع الاعوام ترويضه، تري رمالا تثيرها حوافر جوادا يرمح في الصحراء، تراه ينزل من علي جواده علي باب خيمتها، تغير موضع خيمتها في الصحراء كلما سئمت الاستقرار والانتظار، لاتخبره ابدا انها ستغير مكان خيمتها، ولا تصف ابدا موضعها الجديد، الا انه يجدها في كل مرة، يأتي دون مقدمات او اخطار بموعده، تجده علي باب خيمتها هادئا مبتسما، حاملا الحلوي وأخبار الحروب والعزوات، لا يحكي عنها ابدا.. تقرأها كاملة في عينيه.
فتحت عينيها واخرجت قطعة من الحلوي من حقيبتها مبتسمة، تبدو الامور ابسط كثيرا في وجوده، تبدو الحياة بسيطة حد الامتناع، توقفت عن التعامل معه بمنطق الاخرين منذ اعوام.. لهما منطق خاص، منطق لا يدركه غيرهما.. منطق فارس يجد غجريته مهما اجادت الاختفاء.
متعبان من قيود لا تناسب ايا منهما، من استقرار هش في مدن عجوز، يبدو اللقاء بعيدا او مجهولا، الا ان الوقت لا يعنيها الا بالقدر الذي يستغرقه لايجاد موضع خيمتها الجديد.
يوما ما سيغادران المدينة بقوانينها ولا يعودان ابدا، اما اليوم فتكفيها قطعة الحلوي القادمة من قلب المعارك والغزوات.
تناولت تليفونها للمرة الثانية وبعثت له رسالة.. الشوكولاته قربت تخلص.

Thursday, July 7, 2016

يوماً_ما

رن الهاتف المحمول فرفع رأسة عن الاوراق التي امامه، صمت رنين الهاتف قبل ان تمتد يده اليه، امسك بالهاتف ونظر الي اسم المتصل.. كانت هي.
نظر للهاتف طويلا ثم ترك مكتبه، تحرك الي النافذة حاملا قهوته الثقيلة واشعل سيجارة سارحا في الفراغ خارجا، اعتادت حين تتصل ان لا تطيل رناتها ولا تعيد الاتصال لو لم يرد عليها.. وهو غالبا لا يرد.
سرح فيها وفيه، لا يعرف لماذا تتمسك به، لم يفهم يوما كيف لم تيأس منه في حين انه قد يأس من نفسه منذ زمان بعيد، مضت اعوام عجز عن تذكر عددها منذ اول لقاء جمعهم، الا انه يذكر جيدا ذلك اليوم ويذكر نظراتها له كطفلة منبهرة بفارس عائد من الحرب وهو يحمل لطفلته الحلوي مع قصص البطولات. يعرف انه خذلها كثيرا، وآلمها كثيرا حتي عجزت عن التحمل في اوقات، الا انه عاد بعد زمن اليها متعبا لتستقبله بنفس النظرات كطفلة تنظر الي الفارس العائد بالحلوي والبطولات.. لا تري خيباته وهزائمه، او ربما تراها وتتغافل عنها، لا تسأله ابدا عن غياباته الطويله ولا عن غزواته مع الاخري، تعرف ان هناك اخري وتعرف ان تلك الاخري باقية، الا انها لا تسأل عنها.
اشعل سيجارته الثانية وهو يفكر في ملامحها، تفاصيل وجهها، عيناها اللتان تهربان من نظراته خجلا في بداية كل لقاء ثم تحتويانه بشوق يكاد يخيفه هو شخصيا، كلاماتها المتوترة من فرط لهفتها تضحكة احيانا وتثير جنونه احيانا اخري وينتهي به الامر مرددا نفس الكلمات المبعثرة.
فكر في معاودة الاتصال بها، الا ان عقله تدخل كالعادة بحسابات كثيرة معقدة تمنعه من الاقتراب الان، يظل عقله ممسكا بزمام الامور الي ان يقرر قلبه فجأة ان يضرب عرض الحائط بكل شئ فيهرع اليها قلقا، وتستقبله بنفس النظرة كطفلة منبهرة بالفارس العائد.
اخبرها كثيرا انه ليس الفارس المنتظر ورجاها ان تيأس منه كما يأس من نفسه، الا انه في كل مرة يطلب منها ان تتركه لا ينسي ان يحضر لها الحلوي، يطلب منها ان تيأس منه وترجوها عيناه الا تصدق كلماته، وفي كل مرة تصدق عيناه وتكذب كلامه.
اغلق النافذة وعاد لمكتبه، ليس الوقت مناسبا للاتصال بها...لاحقا، ربما غدا او لاحقا خلال هذا العام.
يوما ما لن يترك عقله يتحكم به وبها، اراحه الامل فعاد لعمله محاولا تجاهل تحذير قلبه ان ذلك اليوم ربما يأتي متأخرا وتكف عن استقباله بنظرات الطفلة التي تنتظر الحلوي وانتصارات الفارس الغائب.

Wednesday, July 6, 2016

يوماً_ما

استيقظت في وقت متأخر عن المعتاد، فاليوم عطلة كما انها عانت من الارهاق وزيادة ضغوط العمل لفترة طويلة، مما جعلها تغلق كل وسائل الاتصال بالامس قبل ان تنام..لا تريد ان يوقظها أحد، تريد أن تنام بعمق وبدون إزعاج.
قضت ساعات ما بعد الظهيرة في غرفتها لا تفعل شيئا محددا، حتي انطلق رنين غريب علي اذنها بدون مقدمات، تعرف تلك النغمة الا انها لم تسمعها منذ وقت طويل، تذكرت ان هاتفها المحمول اصابه عطل فنقلت شريحة الهاتف لجهاز محمول قديم لم تستخدمه منذ اعوام، امسكت الهاتف لتدرك ان تلك النغمة هي نغمة التذكير الخاصة بالتواريخ المسجلة علي الهاتف.
نظرت للاسم الظاهر علي الشاشة والمناسبة المذكورة الي جواره، استغرقت دقائق لتستوعب ان الهاتف القديم قد حمل ذكرياته معه، تعجبت من نسيانها لذلك التاريخ.. سرحت بعيدا بذاكرتها ثم تركت الهاتف وقامت الي احد اركان غرفتها حيث يوجد صندوق خشبي كبير.
حين رأت ذلك الصندوق منذ اعوام احبته علي الفور.. كان صندوقا خشبيا قديما مزخرفا، فقد لمعة الخشب وتقشر من بعض الجوانب، ارادت شراءه الا ان ثمنه كان مرتفعا.. لشهور ظلت تمر امامه وتنظر له في نافذه العرض وتبتسم له، تواعده ان تعود يوما لتأخذه الي غرفتها وتري نظرات صاحب المتجر لها، حين استكملت ثمنه دخلت بثقة الي المحل لتشتريه، اخبرها البائع ان سعره قد ارتفع وان آخرون ارادوا شراءه ثم ابتسم قائلا انه يعرف ان الصندوق ينتظرها، اخذ منها المبلغ الذي احضرته مبتسما.. هو لك.
وضعت الصندوق في اقصي ركن من اركان الغرفة، لم تعرف ماذا تضع فيه، شعرت منذ اليوم الاول انه جاء يحمل ذاكرته وذكرياته الخاصة، ظل كثيرا في ركن الغرفة خاويا لا تضع فيه شيئا.
مع مرور الوقت كلما اشترت شيئا لن تتمكن من ارتدائه، او تحفة لن تعرضها في المنزل اصبحت تضعها داخله، صور وخطابات قديمة، مذكرات كتبتها قديما، اجندة بها ارقام تليفون قديمة... تحول لصندوق الاحلام المؤجلة، والذكريات المنسية البعيدة.
فتحت الصندوق ومن احد اركانه اخرجت ظرفا به عدة صور، اخرجت الصور تتأملها طويلا.. لم تتعرف علي وجوه في تلك الصور... سرحت طويلا محاولة تذكر الوجوه والمناسبات، انطلق رنين الهاتف للمرة الثانية لتربط في ذاكرتها الاسم بالصورة.. صدمت من نفسها، فمنذ اعوام عاهدت نفسها ان تنسي شخصا كان اقرب لها من انعكاس صورتها في المرآة.. تحفظ تفاصيله وملامحه وتذكرة بما ينساه عن نفسه، لم تعرف الا اليوم انها نجحت بالفعل فيما قررته، ظنت انها تنسي تذكره، اما اليوم فقد تأكدت انها نجحت فيما بدا يوما خيالا.
فكرت هل تعيد الصور الي مكانها في ركن الصندوق ام تتخلص منها نهائيا..سرحت طويلا قبل ان تعيد الظرف الي مكانه وتغلق الصندوق ثم اغلقت صوت الهاتف.
يوما ستتخلص من بقايا الذكريات المنسية ولا تبقي في الصندوق غير احلامها المؤجلة، اما اليوم فستمضي وقتها مستمتعة بفعل اللاشئ.

Saturday, July 2, 2016

يوماً_ما

نظرت له طويلا.. تريد ان تخبره بما تفكر فيه ولا تعرف كيف تصيغ الكلمات.
تعرفه منذ عام او ما يزيد قليلا.. لا تتذكر التاريخ تحديدا، تتذكر لقائمها الاول بتفاصيله، كان لقاءا مميزا جدا..وفكرت وقتها كيف يكون شخصا بهذا الاتساع والتفهم، اعجبها... وعرفت انها ستعجبه، كانت واثقة فهي لاتخطئ ابدا نظرات معجب.
مرت شهور علي ذلك اللقاء، تقابله يوميا، يتحدثون ساعات، يتشاركون ادق التفاصيل، نقلت له عاداتها، صارت عدوي طقوسها جزءا رئيسيا في حياته... اما هي فلم يضيف الي حياتها الا عبء محاولة الحفاظ عليه.
منذ عرفها يلح في طلب ارتباط يجمعه بها ويكرر طلبه، وتخبره كل عده اسابيع باستحالة استمرارهم سويا تاركه اياه لايام قبل ان يعود لها طالبا العودة.. فتعود.
انت هادئة وصامته اليوم..يخبرها فتحاول الرد وتفشل في الحديث.
كانت تخبره في كل مرة تقرر تركه بكل ما يغضبها، كان وجوده في حياتها هو خذلان مستمر، يخذلها في وجوده أكثر مما يخذلها في غيابه، يخذلها حين يتغزل في عينيها حين تتأكد انه لا يستطيع قراءة نظراتها، يخذلها حين يكتفي بدور مسكن لآلم قلبها حين ارادته دواء..اخبرته هذا وأكثر تاركه اياه مرات لا تذكر عددها، الا انها وفي كل مرة كانت واثقة من عودتها اليه.
اما اليوم تنظر اليه ولا تستطيع ان تجد سببا لتتكلم، تسمعه يتحدث منذ ما يزيد عن الساعة ولا تجد في نفسها رغبة في الرد.
يوما ما اخبرته بكل تفاصيل خذلانه لها.. كانت تنوي الاستمرار، اما اليوم تنظر اليه ولاتجد سببا في الاستمرار معه، لم تعد تريد المسكنات، لا تجد سببا لعناء الكلام.
اتخذت قرارها، ابتسمت له وحملت حقيبتها، قامت من مجلسها، وبدون كلمة واحدة قبلت رأسة وانصرفت.
لن تجهد نفسها بحديث لا طائل منه، ربما يوما ما لاحقا حين يتحول الي ذكري بعيدة.

Thursday, June 30, 2016

يوماً_ما

دخلت الي فراشها بعد اسبوع طويل ومرهق، تنبهر دوما بقدرة الاخرين علي النوم السريع.. النوم المريح.. النوم الهادئ.. او من قدرتهم علي النوم عموما.
تفكر في تفاصيل اليوم، تفاصيل الطريق الي العمل، تلك الجملة التي نسيت اضافتها في خطاب رسمي، مكالمة سائق التاكسي الغاضبة لزوجته صباحا، زميلتها التي تصر علي ارتداء الوان متنافرة، درج المكتب العلوي الذي لا تذكر عدد المرات التي نسيت اغلاقه.بدت كل تفصيلة واضحة للغاية حتي طغت عليهم ذكري رائحة تحفظها جيدا.
ذلك الحضور الطاغي لتلك الراحة دمر املها ان تنام، تسائلت كيف للرائحة ان يكون لها ذكري.. ثم تسائلت كيف لذكري ان تملأ فراغا خارج رأسها.
نهضت تبحث في الغرفة جيدا.. هي واثقة من حضور الرائحة، فتحت دولابها واشتمت ملابسها.. هل لرائحة ان تبقي عالقة بملابسها اعواما؟؟
فتحت شباك غرفتها.. اختارت احدي السجائر من علبتها لتكون رفيقة ليلة بدت طويلة، لم تعرف كيف تحولت رائحة سجائرها المميزة الي رائحة سجائره هو، كأن تلك الرفيقة اختارت ان تكمل ذكري الرائحة.
تأملتها كثيرا قبل ان تسرح خارج شباكها في انوار الشارع شبه الفارغ.
ابتسمت قبل ان تعود لفراشها...لن تبحث عنه الليلة في احلامها، يكفيها ذكري الرائحة اليوم.
يوما ما ربما لن تكفيها الذكري.. اما اليوم فهي ممتنة لاقتحام ذكري رائحته غرفتها.

Monday, June 27, 2016

يوماً_ما

وقفت في غرفة الفندق الفخم تنتظر وصول حقائبها، لم يفهم عامل الفندق سبب توترتها ولا سبب تلك النظرة الجامدة علي وجهها، ابتسمت له وشكرته وعادت تتأمل الغرفة بنفس التوتر.
لم تحب يوما غرف الفنادق الفخمة، كلما زادت اناقة الفندق وفخامته كلما زاد توترها ونفورها، لم يفهم اصدقائها يوما في اي رحلة مشتركة سبب تمضيتها معظم الوقت بشوارع وطرقات المدن، ولا سبب عدم تعجلها للعودة إلي الفندق المقيمين به.
لا تشعر بنفس النفور في الفنادق البسيطة، طلبت قهوتها وخرجت لاحتسائها في شرفة الغرفة المطلة علي النهر، تأملت جريانه وسرحت مع كابينة خشبية بسيطة مطله علي النهر من ضفته الأخري، بدت لها المكان الامثل للاقامة، حملت رائحة القهوة افكارا سعيدة عن سكان الكابينة الخشبية، ورسم دخان سجائرها وجوها مبتسمة.
لماذا تكره تلك الغرف المريحة؟؟ كل شئ فيها معد لراحتها.. ربما لانها تشعر فيها بوجود كل من سبقوها، تخشي ان تنام فيتسرب الي رأسها حلما لاخر تركه علي الفراش.. تخشي النظر في مرآة الغرفة لتري انعكاس أخري تضع المساحيق علي وجهها.
تشعر دائما بلحظات عالقة تركها اصحابها داخل غرف الفنادق، تخشي ان تترك هي الاخري لحظات يراها من يأتي بعدها للغرفة... لا تريد مشاركة لحظاتها مع اغراب بهذه الحميمية.
انهت قهوتها، عدلت عن فكرة تغيير ملابسها، اغلقت الشرفة حتي لا تتسسل للغرفة لحظات من غرف اخري.
يوما ما سوف تتعلم  ان لا تتوجس من غرف الفنادق، ولن تشعر بالتوتر لمشاركة لحظاتها مع القادم المجهول بعدها.
يوما ما.. اما الآن ستلمم افكارها قبل مغادرة الغرفة.

Sunday, June 26, 2016

يوماً_ما


انهت حمامها الدافئ وتوجهت الي المطبخ، قامت بتحضير قهوتها وتوجهت الي غرفتها، يجب ان تختار زيا مناسبا، يجمع بين الرقي والاناقة والبساطة، فهي علي موعد غذاء مع زملاء العمل، يعتمد عملها بشكل كبير علي التواصل والاتصال، وغذاء اليوم هام جدا لتحديد الكثير من المشاريع المقبلة.
دخلت غرفتها، والقت بتلك المنشفة التي تحبس شعرها بعيدا، توجهت لدولاب ملابسها الا ان عينيها لسبب ما تعلقت بفراشها، تركت الدولاب وحملت قهوتها وتوجهت للفراش، تحديدا لعدد من الارفف فوق الفراش، علقت عيناها بجهاز التسجيل القديم الكائن فوق مكان المخدة، توجهت اليه.. لسبب ما ازالت عنة ذلك الغطاء البلاستيكي الذي يغلفة من الاتربة، ومدت يدها تزيل الغطاء الاخر من فوق رف يحمل مجموعة شرائط قديمة.
مرت بعينيها فوق الشرائط وهي تشعر بان رائحة السنين قد ملأت انفها وغطت علي رائحة القهوة.
مدت يدها واختارت مجموعة من تلك الشرائط، لا تتذكر متي كانت المرة الاخيرة التي امسكت بها احدي تلك الشرائط، وضعت احدهم في درج المسجل وهي تتسآل عن امكانية ان يعمل الجهاز، وان يسامحها علي اعوام تجاهلته لتنصر أجهزة اكثر تطورا، مع انه لم يغير مكانه فوق رأسها، ومع انها لم تفرح باي من هذه الاجهزة كما فرحت به.
ضغطت زر التشغيل، لم يعمل... بعد دقيقة بدأت تسمع صوت مغني كان مفضلا لها يوما ما فيما مضي، سرحت في شغفها الدائم بالرقص، لا تتذكر متي رقصت بشغف اخر مرة.. ذات يوم اخبرها احدهم ان تتوقف عن الرقص الا معه، ثم توقف عن القرص.. ثم توقف عن الوجود معها.. لم يذهب الشغف ولكن اكتسي بالافتقاد.
حسمت امرها.. لا وقت لتضيعه في الذكريات.. غذاء اليوم مهم للغاية، وهي لم تختر بعد ما سوف ترتديه.
توجهت لدولاب ملابسها المفتوح.. حدقت بالملابس المناسبة لليوم، اغلقت الدولاب وتناولت الهاتف المحمول.. بعثت رسالة مختصرة لزملاء العمل.. اعتذر عن الحضور، حدث امر طارئ.
اغلقت الهاتف.. انهت قهوتها، رفعت صوت الاغنية للحد الاقصي..وبدأت الرقص.
يقولون ان هناك مواسم للاحلام المؤجلة.. ليس اليوم أحدها.
يوما ما ربما ستؤجل المزيد من الاحلام والشغف.. لكن ليس اليوم..يوما ما.

Saturday, June 25, 2016

يوماً_ما

انهت عملها وتوجهت لنفس المقهي الذي تتوجه إليه كل مساء، تعرف كل جزء فيه جيدا، حياها صاحب المقهي وابتسم لها الندل فهم يعرفونها جيدا، توجهت للمنضدة التي تجلس عليها دائما الا انها وجدت عليها شاب يطالع شاشة حاسوبه النقال باهتمام، قبل ان تشعر بالضيق اسرع اليها النادل.. خمس دقائق وسأخلي لكي الطاولة
جلست علي طاولة اخري، سرحت في سبب كرهها في تغيير المكان الذي تجلس به يوميا، تحب ان تري البحر مباشرة، اخذت تفكر في كل الطاولات التي تري البحر..لا تعرف متي اصبحت نمطية هكذا، ربما يجب ان اجلس علي طاولة اخري اليوم.
قبل ان تتخذ قرار التغيير جائها النادل مبتسما.. اخليت طاولتك سيدتي.. حدقت فيه، ابتسم وحمل حقيبتها الي طاولتها المعتاده.
حين جلست كان النادل الاخر قد احضر قهوتها وزجاجة ماء صغيرة وكوب به ثلج..لم يعد الندل يسألونها عن ما تريد، ربما اذا ما قامت بإضافة طلبا آخر لاحقا.
تناولت ورقة وقلم، سرحت في قوائم طويلة من كلمات ورسوم متشابكة، سؤال واحد يطغي علي ذهنها منذ الصباح.. تتذكر واقعة حدثت بالامس، او ربما منذ اسبوع ما يؤرقها انها تتذكر تفاصيل الواقعة دون ان تتذكر المكان والزمان، تعتصر ذهنها بحثا عن تفاصيل وتبحث في حقيبتها عن ولاعتها التي لا تجدها كالعادة، يسرع اليها النادل تاركا لها ولاعته بابتسامة.. خليها معاكي يا هانم لغاية ما تقومي.
تسرح في ابتسامته للمرة الثانية، لا تتذكر عدد المرات التي ترك فيها النادل لها ولاعته.. تحاول تذكر مكان ولاعتها، ثم تحاول تذكر تفاصيل تلك الواقعة التي شغلتها قبل ان تسرح اكثر .. هي لا تتذكر ان كانت تلك الواقعة قد حدثت في الواقع ام هي حلم عجزت ان تنساه، لا تذكر كم المرات التي فقدت فيها التمييز بين حلم وحقيقة.
تأملت فنجان القهوة الذي انهته دون ان تشعر وتأملت دخان يفصل بين عينيها وبين وجهه النادل الواقف قريبا منها.
ربما بدأت تفقد ذلك الخيط بين الحلم والواقع حين قررت ان تقابله في احلامها، يأست من وجوده واقعا في حياتها، فاصبحت تقابله في احلام طويلة.. مر وقت طويل استمر فيه في الاختفاء من واقعها، وتدريجيا لم تعد تقابله في احلامها، واستمر خلطها بين الواقع والحلم.
في طريق المغادرة نظرت للطاولة المقابلة لطاولتها.. ماذا سيحدث لو جلست هناك بدلا من الجلوس علي نفس الطاولة. تجربة لابد من خوضها.
يوما ما سأبدل تلك الطاولة.. تبدو الاخري ايضا مريحة.. لكن ليس اليوم..يوما ما.

Thursday, June 23, 2016

يوماً_ما

استيقظت قبل موعدها بساعة، لم تنل قسط كافي من النوم، هي لا تنام الا نادرا، تأملت سقف الحجرة فوق رأسها.. تكاد تعرف كل نقطة في تلك الرقعة تحديدا، تنظر لها باحثة عن اجابة للسؤال اليومي كل صباح..هل تذهب الي العمل؟؟ لا بل اليوم مناسب للأجازة.. ام هل تذهب متاخرة؟؟
بحثت عن اسباب تحثها علي مغادرة الفراش، يبدو هذا المتر المربع المكان الامثل لتقضية اليوم ..بحثت عن ما دفعها لذلك العمل، وعن اسباب استمرارها به، ثم تساءلت عن السبب الذي يجعلها تستمر في تلك الحياة.. لماذا تقرر صباح كل يوم الاستمرار؟؟
نهضت وتوجهت للحمام..الوقوف تحت المياه صباحا هو ما يجعلها تصدق انها غادرت الفراش.. تذكرت تفاصيل حلم جمعها بشخص يسكن رأسها ولا تسكن حتي هاتفه..قررت مثل كل صباح ان يكون الأمس هو اخر يوم تحلم به.
تتوجه الي المطبخ لتحضر افطارا صحيا قد وعدت نفسها به منذ شهور.. تخرج من المطبخ وهي تحمل فنجان القهوة وحده.
ترتدي ما تجده من ملابس لانها مثل كل ليلة لم تحضر ملابسا مناسبة. تحتسي القهوة وتنفث دخان سيجارة حائرة، تتامل وجهها الذي قررت ان لا تغطيه باي مساحيق، الا ان هالات سوداء وارهاق بادي علي وجهها يجعلها تضع الكثير من المساحيق، تعد نفسها مثل كل صباح ان لا ترهق نفسها اليوم، سوف تنام في وقت مبكر وتحظي بالراحة ولن تفكر في معضلات بلا حلول ولا اشخاص غائبين.
تتأمل وجهها في المرآة.. متأخرة مثل كل صباح تجري خارج منزلها لتوزع ابتسامات سعيده علي الجيران، وعلي زملاء العمل.
- صباح الخير.. يحيها الزملاء.
- يوما ما..ليس اليوم.. يوما ما.

Wednesday, June 22, 2016

يوماً_ما

وذات يوم سنملك الوقت للذكريات والرفاهية للحزن، سنجلس علي شاطئ البحر بمدينة عتيقة متعبة قررت ان تسترد روحها وجمالها، وسنحكي ذكرياتنا مع من احببناهم وفقدناهم، ومع رفاق درب اخلصوا للعهود والاحلام ودفعوا ثمن اخلاصهم، سنترتشف مع فناجين القهوة آلام لم نجد وقتا لنعيشها، وسنجد الوقت لنحترم احزان عميقة لم نستطع ان نتفرغ لها، سنراقب وجوها فرقتنا عنها جدران واعوام ووعود وموت تخبو مع دخان السجائر المحترقة.
اما الان فلا نملك وقتا للحزن ولا رفاهية الاستسلام، لا نملك الا ان نرقص حبا للحياة حتي لا نستسلم للموت، ان نكمل سيرا في درب جمعنا بمن احببنا ارواحهم ومبادئهم حتي لو لم نعرف اسمائهم ووجوههم، ان نكمل رسم لوحة اعمارنا لنتأملها يوما ما علي شاطئ المدينة العتيقة.
يوما ما سنملك وقتا للحزن...لكن ليس اليوم.