Monday, May 28, 2018

يوماً_ما


تعالي صوت كروان بعيد مرددا لحنه الليلي، لم يخلف موعده منذ أعوام، يوقظها بعد ان أن يغفو الجميع، تنام القبيلة ويستيقظ الكثير من كائنات الغابة التي يسكنون أطرافها.
غادرت خيمتها الي ضفاف النهر القريب، تعرف الطريق جيدا، فقد اعتادت القبيلة ان تسكن تلك الرقعة صيفا، اما في الشتاء فيتحركون جنوبا عبر الغابة الي اطراف بعض القري، قد يتغير النهر، وقد تتغير القرية، الا انهم دوما متشابون.
وصلت الي ضفة النهر وجلست تستمع الي كائنات الليل تسترجع صورا وافكارا بعيدة، يخشي ابناء المدينة تلك الاصوات، كما يخشون الكائنات والنهر والغابة، اعتادوا في طفولتهم ان يسخروا من ابناء المدينة، مهما بدوا متألقين فهم لا يعرفون الا القليل، واعتادوا السخرية من ابناء القري ايضا، بسذاجتهم واحلامهم المختلطة باوهام المدينة.
لا يوجد مثيل لنا.. القبيلة تعرف كل شيء، تعرف الاجابات، تحفظ الطرق، لا تتوه القبيلة ابدا حتي في الطرق التي لم تسلكها من قبل، القبيلة كل لا يتجزأ، يدعي فتيان المدينة المدللين، وفتيان القرية السذج انهم يعلمون افضل، يحاولون السخرية من القبيلة، الا انهم لا يصمدون ابدا.. ومن ذا الذي يصمد امام حكمة العجائز، وقوة الشباب، وتمرد الفاتنات، وجرأة الاطفال، تتجمع كل الصفات في كل فرد من القبيلة.
اعتادت منذ صغرها التعلق بفتيان المدينة، تعرف انها افضل منهم، تجذبها محاولات اكتشاف المجهول.
اخبرتها عرافة القبيلة منذ زمن بعيد الا تخرج من القبيلة، الا تبتعد عن تجمعاتهم، الا تصدق اضواء المدينة، لم تصدقها ولم تصدقهم ايضا، ابتعدت كثيرا في محاولات الهروب، غير قانعة بخواء فتيان المدينة ولا سذاجة فتيان القرية، الا انها حاولت ان تعثر في اي منهم علي ارض جديدة، ثابتة، لا تشبه ارتحالها الدائم.
لا تدري كم امضت هاربه من الترحال، حين ادركت انها لا تستطيع التكييف مع ثبات الارض والجدران والعنوان.
استيقظت فجر يوم بعيد وعادت، كانت تعرف انها ستجدهم حتي وان سلكوا طرقا لم تسلكها من قبل، وعلي اطراف الغابة وجدت العجوز في انتظارها تحمل نبؤة عودتها، مع نبؤات باعوام اخرى مع القبيلة.
عادت الي الخيمة لتخلد الي نوم غير متقطع، لعنة الثبات منعتها النوم لاعوام.
لا يوجد خارج القبيلة ما يستحق الرحيل، بل الترحال معهم هو عين الاستقرار.
قد تسافر يوما ما الي بلاد بعيدة، اما اليوم فلن تغادر.