Thursday, June 30, 2016

يوماً_ما

دخلت الي فراشها بعد اسبوع طويل ومرهق، تنبهر دوما بقدرة الاخرين علي النوم السريع.. النوم المريح.. النوم الهادئ.. او من قدرتهم علي النوم عموما.
تفكر في تفاصيل اليوم، تفاصيل الطريق الي العمل، تلك الجملة التي نسيت اضافتها في خطاب رسمي، مكالمة سائق التاكسي الغاضبة لزوجته صباحا، زميلتها التي تصر علي ارتداء الوان متنافرة، درج المكتب العلوي الذي لا تذكر عدد المرات التي نسيت اغلاقه.بدت كل تفصيلة واضحة للغاية حتي طغت عليهم ذكري رائحة تحفظها جيدا.
ذلك الحضور الطاغي لتلك الراحة دمر املها ان تنام، تسائلت كيف للرائحة ان يكون لها ذكري.. ثم تسائلت كيف لذكري ان تملأ فراغا خارج رأسها.
نهضت تبحث في الغرفة جيدا.. هي واثقة من حضور الرائحة، فتحت دولابها واشتمت ملابسها.. هل لرائحة ان تبقي عالقة بملابسها اعواما؟؟
فتحت شباك غرفتها.. اختارت احدي السجائر من علبتها لتكون رفيقة ليلة بدت طويلة، لم تعرف كيف تحولت رائحة سجائرها المميزة الي رائحة سجائره هو، كأن تلك الرفيقة اختارت ان تكمل ذكري الرائحة.
تأملتها كثيرا قبل ان تسرح خارج شباكها في انوار الشارع شبه الفارغ.
ابتسمت قبل ان تعود لفراشها...لن تبحث عنه الليلة في احلامها، يكفيها ذكري الرائحة اليوم.
يوما ما ربما لن تكفيها الذكري.. اما اليوم فهي ممتنة لاقتحام ذكري رائحته غرفتها.

Monday, June 27, 2016

يوماً_ما

وقفت في غرفة الفندق الفخم تنتظر وصول حقائبها، لم يفهم عامل الفندق سبب توترتها ولا سبب تلك النظرة الجامدة علي وجهها، ابتسمت له وشكرته وعادت تتأمل الغرفة بنفس التوتر.
لم تحب يوما غرف الفنادق الفخمة، كلما زادت اناقة الفندق وفخامته كلما زاد توترها ونفورها، لم يفهم اصدقائها يوما في اي رحلة مشتركة سبب تمضيتها معظم الوقت بشوارع وطرقات المدن، ولا سبب عدم تعجلها للعودة إلي الفندق المقيمين به.
لا تشعر بنفس النفور في الفنادق البسيطة، طلبت قهوتها وخرجت لاحتسائها في شرفة الغرفة المطلة علي النهر، تأملت جريانه وسرحت مع كابينة خشبية بسيطة مطله علي النهر من ضفته الأخري، بدت لها المكان الامثل للاقامة، حملت رائحة القهوة افكارا سعيدة عن سكان الكابينة الخشبية، ورسم دخان سجائرها وجوها مبتسمة.
لماذا تكره تلك الغرف المريحة؟؟ كل شئ فيها معد لراحتها.. ربما لانها تشعر فيها بوجود كل من سبقوها، تخشي ان تنام فيتسرب الي رأسها حلما لاخر تركه علي الفراش.. تخشي النظر في مرآة الغرفة لتري انعكاس أخري تضع المساحيق علي وجهها.
تشعر دائما بلحظات عالقة تركها اصحابها داخل غرف الفنادق، تخشي ان تترك هي الاخري لحظات يراها من يأتي بعدها للغرفة... لا تريد مشاركة لحظاتها مع اغراب بهذه الحميمية.
انهت قهوتها، عدلت عن فكرة تغيير ملابسها، اغلقت الشرفة حتي لا تتسسل للغرفة لحظات من غرف اخري.
يوما ما سوف تتعلم  ان لا تتوجس من غرف الفنادق، ولن تشعر بالتوتر لمشاركة لحظاتها مع القادم المجهول بعدها.
يوما ما.. اما الآن ستلمم افكارها قبل مغادرة الغرفة.

Sunday, June 26, 2016

يوماً_ما


انهت حمامها الدافئ وتوجهت الي المطبخ، قامت بتحضير قهوتها وتوجهت الي غرفتها، يجب ان تختار زيا مناسبا، يجمع بين الرقي والاناقة والبساطة، فهي علي موعد غذاء مع زملاء العمل، يعتمد عملها بشكل كبير علي التواصل والاتصال، وغذاء اليوم هام جدا لتحديد الكثير من المشاريع المقبلة.
دخلت غرفتها، والقت بتلك المنشفة التي تحبس شعرها بعيدا، توجهت لدولاب ملابسها الا ان عينيها لسبب ما تعلقت بفراشها، تركت الدولاب وحملت قهوتها وتوجهت للفراش، تحديدا لعدد من الارفف فوق الفراش، علقت عيناها بجهاز التسجيل القديم الكائن فوق مكان المخدة، توجهت اليه.. لسبب ما ازالت عنة ذلك الغطاء البلاستيكي الذي يغلفة من الاتربة، ومدت يدها تزيل الغطاء الاخر من فوق رف يحمل مجموعة شرائط قديمة.
مرت بعينيها فوق الشرائط وهي تشعر بان رائحة السنين قد ملأت انفها وغطت علي رائحة القهوة.
مدت يدها واختارت مجموعة من تلك الشرائط، لا تتذكر متي كانت المرة الاخيرة التي امسكت بها احدي تلك الشرائط، وضعت احدهم في درج المسجل وهي تتسآل عن امكانية ان يعمل الجهاز، وان يسامحها علي اعوام تجاهلته لتنصر أجهزة اكثر تطورا، مع انه لم يغير مكانه فوق رأسها، ومع انها لم تفرح باي من هذه الاجهزة كما فرحت به.
ضغطت زر التشغيل، لم يعمل... بعد دقيقة بدأت تسمع صوت مغني كان مفضلا لها يوما ما فيما مضي، سرحت في شغفها الدائم بالرقص، لا تتذكر متي رقصت بشغف اخر مرة.. ذات يوم اخبرها احدهم ان تتوقف عن الرقص الا معه، ثم توقف عن القرص.. ثم توقف عن الوجود معها.. لم يذهب الشغف ولكن اكتسي بالافتقاد.
حسمت امرها.. لا وقت لتضيعه في الذكريات.. غذاء اليوم مهم للغاية، وهي لم تختر بعد ما سوف ترتديه.
توجهت لدولاب ملابسها المفتوح.. حدقت بالملابس المناسبة لليوم، اغلقت الدولاب وتناولت الهاتف المحمول.. بعثت رسالة مختصرة لزملاء العمل.. اعتذر عن الحضور، حدث امر طارئ.
اغلقت الهاتف.. انهت قهوتها، رفعت صوت الاغنية للحد الاقصي..وبدأت الرقص.
يقولون ان هناك مواسم للاحلام المؤجلة.. ليس اليوم أحدها.
يوما ما ربما ستؤجل المزيد من الاحلام والشغف.. لكن ليس اليوم..يوما ما.

Saturday, June 25, 2016

يوماً_ما

انهت عملها وتوجهت لنفس المقهي الذي تتوجه إليه كل مساء، تعرف كل جزء فيه جيدا، حياها صاحب المقهي وابتسم لها الندل فهم يعرفونها جيدا، توجهت للمنضدة التي تجلس عليها دائما الا انها وجدت عليها شاب يطالع شاشة حاسوبه النقال باهتمام، قبل ان تشعر بالضيق اسرع اليها النادل.. خمس دقائق وسأخلي لكي الطاولة
جلست علي طاولة اخري، سرحت في سبب كرهها في تغيير المكان الذي تجلس به يوميا، تحب ان تري البحر مباشرة، اخذت تفكر في كل الطاولات التي تري البحر..لا تعرف متي اصبحت نمطية هكذا، ربما يجب ان اجلس علي طاولة اخري اليوم.
قبل ان تتخذ قرار التغيير جائها النادل مبتسما.. اخليت طاولتك سيدتي.. حدقت فيه، ابتسم وحمل حقيبتها الي طاولتها المعتاده.
حين جلست كان النادل الاخر قد احضر قهوتها وزجاجة ماء صغيرة وكوب به ثلج..لم يعد الندل يسألونها عن ما تريد، ربما اذا ما قامت بإضافة طلبا آخر لاحقا.
تناولت ورقة وقلم، سرحت في قوائم طويلة من كلمات ورسوم متشابكة، سؤال واحد يطغي علي ذهنها منذ الصباح.. تتذكر واقعة حدثت بالامس، او ربما منذ اسبوع ما يؤرقها انها تتذكر تفاصيل الواقعة دون ان تتذكر المكان والزمان، تعتصر ذهنها بحثا عن تفاصيل وتبحث في حقيبتها عن ولاعتها التي لا تجدها كالعادة، يسرع اليها النادل تاركا لها ولاعته بابتسامة.. خليها معاكي يا هانم لغاية ما تقومي.
تسرح في ابتسامته للمرة الثانية، لا تتذكر عدد المرات التي ترك فيها النادل لها ولاعته.. تحاول تذكر مكان ولاعتها، ثم تحاول تذكر تفاصيل تلك الواقعة التي شغلتها قبل ان تسرح اكثر .. هي لا تتذكر ان كانت تلك الواقعة قد حدثت في الواقع ام هي حلم عجزت ان تنساه، لا تذكر كم المرات التي فقدت فيها التمييز بين حلم وحقيقة.
تأملت فنجان القهوة الذي انهته دون ان تشعر وتأملت دخان يفصل بين عينيها وبين وجهه النادل الواقف قريبا منها.
ربما بدأت تفقد ذلك الخيط بين الحلم والواقع حين قررت ان تقابله في احلامها، يأست من وجوده واقعا في حياتها، فاصبحت تقابله في احلام طويلة.. مر وقت طويل استمر فيه في الاختفاء من واقعها، وتدريجيا لم تعد تقابله في احلامها، واستمر خلطها بين الواقع والحلم.
في طريق المغادرة نظرت للطاولة المقابلة لطاولتها.. ماذا سيحدث لو جلست هناك بدلا من الجلوس علي نفس الطاولة. تجربة لابد من خوضها.
يوما ما سأبدل تلك الطاولة.. تبدو الاخري ايضا مريحة.. لكن ليس اليوم..يوما ما.

Thursday, June 23, 2016

يوماً_ما

استيقظت قبل موعدها بساعة، لم تنل قسط كافي من النوم، هي لا تنام الا نادرا، تأملت سقف الحجرة فوق رأسها.. تكاد تعرف كل نقطة في تلك الرقعة تحديدا، تنظر لها باحثة عن اجابة للسؤال اليومي كل صباح..هل تذهب الي العمل؟؟ لا بل اليوم مناسب للأجازة.. ام هل تذهب متاخرة؟؟
بحثت عن اسباب تحثها علي مغادرة الفراش، يبدو هذا المتر المربع المكان الامثل لتقضية اليوم ..بحثت عن ما دفعها لذلك العمل، وعن اسباب استمرارها به، ثم تساءلت عن السبب الذي يجعلها تستمر في تلك الحياة.. لماذا تقرر صباح كل يوم الاستمرار؟؟
نهضت وتوجهت للحمام..الوقوف تحت المياه صباحا هو ما يجعلها تصدق انها غادرت الفراش.. تذكرت تفاصيل حلم جمعها بشخص يسكن رأسها ولا تسكن حتي هاتفه..قررت مثل كل صباح ان يكون الأمس هو اخر يوم تحلم به.
تتوجه الي المطبخ لتحضر افطارا صحيا قد وعدت نفسها به منذ شهور.. تخرج من المطبخ وهي تحمل فنجان القهوة وحده.
ترتدي ما تجده من ملابس لانها مثل كل ليلة لم تحضر ملابسا مناسبة. تحتسي القهوة وتنفث دخان سيجارة حائرة، تتامل وجهها الذي قررت ان لا تغطيه باي مساحيق، الا ان هالات سوداء وارهاق بادي علي وجهها يجعلها تضع الكثير من المساحيق، تعد نفسها مثل كل صباح ان لا ترهق نفسها اليوم، سوف تنام في وقت مبكر وتحظي بالراحة ولن تفكر في معضلات بلا حلول ولا اشخاص غائبين.
تتأمل وجهها في المرآة.. متأخرة مثل كل صباح تجري خارج منزلها لتوزع ابتسامات سعيده علي الجيران، وعلي زملاء العمل.
- صباح الخير.. يحيها الزملاء.
- يوما ما..ليس اليوم.. يوما ما.

Wednesday, June 22, 2016

يوماً_ما

وذات يوم سنملك الوقت للذكريات والرفاهية للحزن، سنجلس علي شاطئ البحر بمدينة عتيقة متعبة قررت ان تسترد روحها وجمالها، وسنحكي ذكرياتنا مع من احببناهم وفقدناهم، ومع رفاق درب اخلصوا للعهود والاحلام ودفعوا ثمن اخلاصهم، سنترتشف مع فناجين القهوة آلام لم نجد وقتا لنعيشها، وسنجد الوقت لنحترم احزان عميقة لم نستطع ان نتفرغ لها، سنراقب وجوها فرقتنا عنها جدران واعوام ووعود وموت تخبو مع دخان السجائر المحترقة.
اما الان فلا نملك وقتا للحزن ولا رفاهية الاستسلام، لا نملك الا ان نرقص حبا للحياة حتي لا نستسلم للموت، ان نكمل سيرا في درب جمعنا بمن احببنا ارواحهم ومبادئهم حتي لو لم نعرف اسمائهم ووجوههم، ان نكمل رسم لوحة اعمارنا لنتأملها يوما ما علي شاطئ المدينة العتيقة.
يوما ما سنملك وقتا للحزن...لكن ليس اليوم.