Thursday, July 7, 2016

يوماً_ما

رن الهاتف المحمول فرفع رأسة عن الاوراق التي امامه، صمت رنين الهاتف قبل ان تمتد يده اليه، امسك بالهاتف ونظر الي اسم المتصل.. كانت هي.
نظر للهاتف طويلا ثم ترك مكتبه، تحرك الي النافذة حاملا قهوته الثقيلة واشعل سيجارة سارحا في الفراغ خارجا، اعتادت حين تتصل ان لا تطيل رناتها ولا تعيد الاتصال لو لم يرد عليها.. وهو غالبا لا يرد.
سرح فيها وفيه، لا يعرف لماذا تتمسك به، لم يفهم يوما كيف لم تيأس منه في حين انه قد يأس من نفسه منذ زمان بعيد، مضت اعوام عجز عن تذكر عددها منذ اول لقاء جمعهم، الا انه يذكر جيدا ذلك اليوم ويذكر نظراتها له كطفلة منبهرة بفارس عائد من الحرب وهو يحمل لطفلته الحلوي مع قصص البطولات. يعرف انه خذلها كثيرا، وآلمها كثيرا حتي عجزت عن التحمل في اوقات، الا انه عاد بعد زمن اليها متعبا لتستقبله بنفس النظرات كطفلة تنظر الي الفارس العائد بالحلوي والبطولات.. لا تري خيباته وهزائمه، او ربما تراها وتتغافل عنها، لا تسأله ابدا عن غياباته الطويله ولا عن غزواته مع الاخري، تعرف ان هناك اخري وتعرف ان تلك الاخري باقية، الا انها لا تسأل عنها.
اشعل سيجارته الثانية وهو يفكر في ملامحها، تفاصيل وجهها، عيناها اللتان تهربان من نظراته خجلا في بداية كل لقاء ثم تحتويانه بشوق يكاد يخيفه هو شخصيا، كلاماتها المتوترة من فرط لهفتها تضحكة احيانا وتثير جنونه احيانا اخري وينتهي به الامر مرددا نفس الكلمات المبعثرة.
فكر في معاودة الاتصال بها، الا ان عقله تدخل كالعادة بحسابات كثيرة معقدة تمنعه من الاقتراب الان، يظل عقله ممسكا بزمام الامور الي ان يقرر قلبه فجأة ان يضرب عرض الحائط بكل شئ فيهرع اليها قلقا، وتستقبله بنفس النظرة كطفلة منبهرة بالفارس العائد.
اخبرها كثيرا انه ليس الفارس المنتظر ورجاها ان تيأس منه كما يأس من نفسه، الا انه في كل مرة يطلب منها ان تتركه لا ينسي ان يحضر لها الحلوي، يطلب منها ان تيأس منه وترجوها عيناه الا تصدق كلماته، وفي كل مرة تصدق عيناه وتكذب كلامه.
اغلق النافذة وعاد لمكتبه، ليس الوقت مناسبا للاتصال بها...لاحقا، ربما غدا او لاحقا خلال هذا العام.
يوما ما لن يترك عقله يتحكم به وبها، اراحه الامل فعاد لعمله محاولا تجاهل تحذير قلبه ان ذلك اليوم ربما يأتي متأخرا وتكف عن استقباله بنظرات الطفلة التي تنتظر الحلوي وانتصارات الفارس الغائب.

No comments:

Post a Comment